موضوع: الأمير عبد القادر الجزائري الأربعاء 22 أكتوبر 2008 - 0:02
الأمير عبد القادر الجزائري (1807-1883)
*- مولده ونشأته
هو عبد القادر ابن الأمير محيي الدين الحسيني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن عليولد في 23 من رجب عام 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام منمنطقة "وهران" بالمغرالأوسط أوالجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينةوهران، ولم يكن الوالد هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان منالطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامةالوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة، وكان الإذن لهبالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه،فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثمالعودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس،وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828م، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطنالعربي في هذه الفترة من تاريخه، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنتفرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا،ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر. *- المبايعة
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون علىالجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسيني" وعرضوا عليه الأمر، ولكنالرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حولهالجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأسالجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذاالمنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسئولية، وتمت البيعة، ولقبه والدهبـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلكخرج إلى الوجود الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسيني، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ/ نوفمبر 1832م.
ولقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درسالفلسفة ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقامبتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النفسية في التوحيد،وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي،والعلم العقلي، والرحلة والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإنالأمير الشاب تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة. *- اعمــاله
وقد بادر الأمير عبد القادر بإعداد جيشه، ونزول الميدان ليحقق انتصارات متلاحقةعلىالفرنسيين، وسعى فيذات الوقت إلى التأليف بين القبائل وفض النزاعات بينها، وقد كانت بطولته في المعاركمثار الإعجاب من العدو والصديق فقد رآه الجميع في موقعة "خنق النطاح" التي أصيبتملابسه كلها بالرصاص وقُتِل فرسه ومع ذلك استمر في القتال حتى حاز النصر على عدوه،وأمام هذه البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" فيعام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأميريتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلادهإلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: "يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا،على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!".
ونجح الأمير في إحراز نصر على القا ئد الجديد في منطقة "واديتفنه" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" فيعام 1837م.بعد أن كان نقض المعاهدة الأولي عن طريق هجوم قام به الفرنسيون ، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة،ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م .
لقبالأميرباسم "أبا ليلة وأبا نهار"، لكثرة تحركاته وتنقلاته سعيا للم شمل القبائل واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمتقواتها بسرعة، ولقد اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" علي الاستسلام بعد أن تقطعت به السبل في المقاومة وبعد أن رفض الأسبان والإنجليز معاونته على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من أتباعه، وتلقىوعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارجالفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجونالحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذهالفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة والسلطان المغربي.
ظل الأمير عبد القادر في سجونفرنسايعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدبالفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشئون السياسية والعسكريةوالعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير لكي يتخذ من فرنساوطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق، حيث استانبول والسلطان عبد المجيد،والتقى فيها بسفراء الدول الأجنبية، ثم استقر به المقام فيدمشقمنذ عام 1856م وفيها أخذ مكانة بينالوجهاء والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك فيالمدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية.
وفي عام 1276/1860 تتحرك شرارة الفتنة بين المسلمين والنصارى في منطقة الشام،ويكون للأمير دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف من النصارى، إذ استضافهم في منازله.
*- وفاتــه
و لقد وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/ 24 من مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية.
زهرة الجبل
عدد الرسائل : 190العمر : 43تاريخ التسجيل : 21/08/2008
موضوع: رد: الأمير عبد القادر الجزائري السبت 25 أكتوبر 2008 - 6:54