موضوع: السيكودراما Psychodrama السبت 12 يناير 2013 - 7:22
السيكودراما Psychodrama الدراما النفسية
* المزج بين الدراما وعلم النفس: المزج بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس كأحد العلوم التي تتعامل مع تشريح النفس البشرية نجده متمثلاً فى المصطلح الذي يُسمى بـ"السيكودراما"، السيكودراما ترجمتها (Psychodrama) حيث تتألف من شقين الأول (Psycho) ويعنى نفسي أما الشق الثاني (Drama) وهى الدراما التي تترجم إلى التمثيل الحركى.
والسيكودراما نوعاً من أنواع العلاج النفسي ولكن بطريقة مبتكرة حيث تكمن وظيفتها الأساسية فى تفريغ انفعالات الفرد ومشاعره الدفينة من خلال تمثيل أدوار لها علاقة بالمواقف التي حدثت له فى الماضي أو التي تحدث فى الحاضر أو التي قد ستحدث له فى المستقبل حيث توافر العلامات التي تنذر لحدوثها، ليتحقق له الشفاء من أى صراع نفسى يدور بداخله.
- العلاج النفسي: العلاج أو الطب النفسي هو فرع من فروع العلاج/الطب يتعامل مع النفس البشرية بهدف ترميمها وإصلاح ما حدث بها من خلل ناتج عن الصراع الذي يوجد بينها وبين الحياة التي تعيش بداخلها.
وهذا الصراع يتمثل فى عجز الفرد على حل المشكلات أو تجاوزها، أو يتسم بعدم قدرته على التكيف مع الضغوط التي تواجهه ومن ثّم عدم تقبله لحياته كنتيجة نهائية.
والعلاج النفسي هو ذلك العلاج المخصص لعلاج الأزمات النفسية التي يتعرض لها الشخص من خلال محاولة فهم أعماق النفس البشرية، والتعامل مع المشاعر بوصفها الجانب الهش والمرهف من الجوانب المتعددة التي تتحكم فى تشكيل شخصية الإنسان، لكي يتمكن ذلك الفرد من الاندماج مع الآخرين فى المجتمعات التي يعيش فيها والانضمام إلى العالم الذي ينتمى إليه. فعندما يولد الإنسان تولد معه احتياجات لابد من إشباعها، هذه الاحتياجات فى البداية تكون احتياجات فسيولوجية أكثر من كونها نفسية للتطور بعد ذلك لتصبح اجتماعية ونفسية تتصل بالذات وبالآخرين ممن يتفاعلون معه.
المعالج بالسيكودراما هو (Psychodramatist) وهو الذي يختص بتطبيق خطوات السيكودراما فى العلاج النفسي وهو إما عن يكون طبيباً أو محللاً نفسياً - ويسمى أيضاً "بمخرج العمل".
* ما هي الدراما؟ الدراما هي فن من الفنون الأساسية، بل أنها تحتضن العديد من العلوم الإنسانية ومنها علم النفس الذي يدرس السلوك الإدراكى والمعرفي للإنسان .. بل أننا نجد الدراما فى واقع الأمر تعتمد على مخاطبة النفس البشرية وذلك عن طريق استخدام بعض الأساليب فى بنائها: مثل الحوار الداخلي الذي يحدث فى كثير من الأعمال الدرامية والمعروف "بالمونولوج" وهو أن يدور حوار بين الشخص وذاته لوجود صراع داخلي لديه فى العمل الدرامي، أو أن تٌعرض أفعال وتصرفات شخصيات ما بداخل البناء الدرامي لتعكس عقدة ما، أو تعكس مشاهد للأحلام والكوابيس المزعجة أو حتى أحلام اليقظة .. فكل هذا متصل بالعلوم النفسية التي تسعى لدراسة سلوك الإنسان والدوافع التي تقف وراءها أي أنها تقدم التحليلات النفسية بشكل ما أو بآخر .. والقصص الدرامية لا تقتصر فقط على العنصر الاجتماعي وإنما امتدت لتشمل العنصر السيكولوجي أو النفسي وتلقى الضوء على ما هو مهمش فى النفس البشرية.
* قام "جاكوب ليفى مورينو/Jacob Levy.Moreno" (1889 – 1974) الذى توفى عن عمر يناهز (84) عاماً - بتأسيس أول جمعية للعلاج بالسيكودراما عام 1942 م ومازالت قائمة حتى يومنا هذا وتفيد كافة المؤسسات الحديثة التي تقدم العلاج بالسيكودراما، وقد اهتم "مورينو" طيلة عمره بدراسة العلاقات البشرية. ولد "مورينو" برومانيا وتوفى بالولايات المتحدة الأمريكية لأب من اليهود الشرقيين الذى كان يعمل تاجراً ويسمى "نسيم ليفى/Nissim Levy" ولأم أيضاً من اليهود الشرقيين وتسمى "باولينا إيانكو/Paulina Iancu"، وتزوج من "زيركا مورينو/ Zerka Moreno" الخبيرة فى السيكودراما والتي استكملت عمل زوجها بعد وفاته. نشأ فى فيينا حيث درس الطب والرياضة والفلسفة، وتخرج من كلية الطب بجامعة فيينا عام 1917، وكان رافضاً لأفكار "فرويد". وانتقل إلى أمريكا فى عام 1925، حيث شغل مناصب إحداها فى جامعة "كاليفورنيا" والأخرى فى "المدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي".
وفى السيكودراما يتم استخدام أساليب أو "تك*ات" لاكتشاف عالم الشخص الفردي والجماعي بطريقة متعددة الأبعاد الهامة لمساعدة الفرد فى أن يعبر عن مشاعره المكبوتة، وأن يجد من خلال الممارسة أساليب جديدة للتعبير عن المواقف التي لا يرضى عنها فى حياته. والتدخل من جانب الدراما النفسية مصمم لكى تتم مواجهة الأشخاص بحالتهم التى يوجدون عليها فى الواقع ثم مساعدتهم فى معرفة مخاوفهم ولمسها لإخراج أفضل ما لديهم. أى أن السيكودراما تعيد استثمار ما بداخل النفس البشرية، ون الناحية العملية يمكن استخدام السيكودراما على المستوى الفردي أو الثنائي أو الجماعي، وتنصب على علاج مختلف أنواع العلاقات حيث تعمل على إزالة الستار عن المشكلات والقضايا والصعوبات التي يعيشها الأشخاص بشكل يومي من خلال أداء دور مسرحي وسط جماعة. ومن خلال تمثيل أنواع معينة من السيناريوهات التي تقدم إعادة بلورة لمفاهيم ما فى حياة الشخص، ومن خلالها تُقدم الاقتراحات لهذا المريض لكى يستطيع التعامل مع الموقف ولكن بشكل مختلف عن ما كان معتاد عليه بحيث يُعَدِل من سلوكياته عند مقابلته مرة أخرى فى المستقبل. أى أن الهدف من السيكوداما هو إيجاد حلول جديدة للمشاكل القديمة غير المحلولة أو تقديم حلول لمشاكل جديدة مشابهة قد تحدث فى المستقبل من خلال لعب أو أداء دور مسرحي لإحداث الباعث الذي يؤدى إلى التغيير فى الحياة وفى العلاقات. فالسيكودراما فى المجمل هي مسرحية درامية جماعية تحاول إخراج الشخص من عزلته النفسية، بل وتقدم أسلوب عملي للعلاج بدلاً من الأسلوب الشفهي المتبع فى وسائل العلاج النفسي التقليدية والتي تتصل بالتخيل واجترار الأحداث فى الذهن فقط بدون تعبير عن الانفعالات .. ويتم هذا العلاج بالصورة التالية: يكون الشخص المكبوت نفسياً هو بطل العرض المسرحي، والمعالج يقوم بدور مخرج العرض أما الأشخاص الأخرى فتقوم بتقديم الأدوار المساعدة التي تتصل بالبطل مثل أدوارا الابن أو الابنة أو الزوجة ... الخ، وهذا يقودنا إلى القول بأن العلاج بالسيكودراما لابد وأن تتوافر لديه مقومات وأركان أساسية والتي فى غيابها لا يكون الأسلوب المتبع علاجاً ًنفسياً والتي تترابط مع بعضها البعض، أي أن العلاج لا يقوم إلا على اجتماعها سوياُ – وكل له وظائفه المحددة التي يقوم بها أثناء العمل الدرامي. والعمل المسرحي هنا يتكون من: - المعالج (المخرج) Director: المخرج هنا هو المعالج النفسي الذي تتوافر لديه الخبرة فى علاج الاضطرابات النفسية، بالإضافة إلى الخبرة فى مجال السيكودراما حتى يستطيع قيادة العمل بنجاح، وتتعدد مهامه لكن من أبرزها: اختيار الممثلين الذين يتوافقون مع بطل العرض حتى يحدث الانسجام وبالتالى التعبير الصحيح عن المشاعر بدون حرج أو قلق لكنه لا يقوم باختيار الموضوع ويعطى الحرية الكاملة للممثلين فى تأدية أدوارهم بتوجيه منه. يحافظ المخرج بوصفه طبيباً فى المقام الأول على سرية الأحداث ويوجه المجموعة العلاجية بشكل غير مباشر ويستخدم فى التوجيه الأساليب العلاجية النفسية (لأن المسرحية ما هي إلا جلسة علاجية فى النهاية). يخلق المعالج المناخ التفاعلي بين المجموعة ويحاول من خلال توجيهاته التركيز على السلوك وليس على اللفظ فى العلاج. - المجموعة Group: البطل يتواجد وسط الجماعة، والعلاج يتم وسط الجماعة وليس فردياً. يوجد اختلاف حول عدد الأفراد المشاركة فى التمثيل لأنه هناك إجماع بأنه كلما قل العدد كلما كان العلاج ناجحاً وكلما زادت القدرة على التعبير عن المشاعر والانفعالات، والعدد يتراوح ما بين 10 – 15 فرداً وقد يصل إلى 25 فرداً .. ومن حق الممثلين إظهار مشاعرهم وعواطفهم بحرية تامة حتى لو كانت تعكس آراء مضادة للجماعات الاجتماعية التي يعيش الفرد بداخلها مثل أفراد الأسرة - صاحب العمل ... الخ - البطل (المريض) Protagonist: بطل العمل المسرحي هو المريض الذي تتمركز حوله أحداث العمل المسرحي، والذي يقوم بتمثيل واقع ألم به بكافة تفاصيله من أجل حل العقدة التي سببت له الشعور المكبوت. - مكان العمل التمثيلي (المسرح) * Stage: وليس مقصود به مسرح بالمعنى المتعارف عليه وإنما اختيار المكان المناسب الذي تتوافر فيه عوامل الاطمئنان والأمان من أجل أن يؤدى الممثلون أدوارهم بطبيعية .. أي إيجاد مكان يعطى نفس الإحساس بالتواجد فوق خشبة المسرح. المزيد عن المسرح .. - الأنا المساعدة أو(الممثلون) Auxiliary ego: دور الممثل هنا يشبه تماماً دور الممثل الحقيقي على خشبة المسرح، حيث يتقمص شخصية لها علاقة بالبطل وتعكس حياته الطبيعية لكي تحدث له المواجهة من أجل أن يرى ويعي سلوكه، وقد يكون الممثلون من أسرة المريض نفسه.
* كيفية استخدام الفن والسيكودراما فى العلاج: إن استخدام الفنون الإبداعية فى العلاج تتيح الفرصة للفهم العميق للأشياء والتجارب الحياتية التي يعيشها الإنسان، لأن هناك اعتقاد خاطىء بأن الإنسان يفهم حياته التى يقطن وسط خضم أحداثها فهماً كاملاً. إحدى الدعامات الأساسية التي يقدمها العلاج بالفنون الإبداعية هو ترسيخ خبراتنا والقضاء على مخاوفنا وآلامنا وصراعاتنا والتأكيد على سعادتنا، كما تعلمنا الوعي العميق والأساليب الجديدة فى تناول المشكلات بشكل تجسيدي. والعلاج الدرامي هو نوع من أنواع التمثيل يتبنى نموذج علاجي بشكل يمس الأحاسيس من خلال معايشة الواقع والتفاعل مع الآخرين فى صورة جلسات علاجية. أحياناً يكون الجسد على علم ما بداخل النفس قبل أن يتفوه بها الشخص فى صورة كلمات، وكما يعلم الجميع أن الشيء الذي لا يعبر عنه الإنسان ويظل حبيساً بداخله أو مخفياً يؤذيه ويعرض علاقاته مع الآخرين للأزمات بمختلف أشكالها. ويمكن استخدام الفن بمفرده أو مع تعبيرات (ألعاب/Exercises) سيكودرامية أخرى مثل الحركة أو الكتابة أو الموسيقى أو الرسم .. والمزج بين عنصر الفن وإحدى هذه العناصر السابقة ستكون النتيجة فى العلاج أكثر إيجابية ويكون فيها متعة بالمثل. وعند المزج بين العنصرين فى العلاج، تقدم الاقتراحات للشخص للاختيار من بينها فإما أن يمارس الرسم بحيث يرسم صورة عائلته تفعل شيئاً ما أو أن يرسم الشخص بما يشعر به داخليا فى وقتها، أو أن يمارس الحركة أو أن يستمع إلى موسيقى ... الخ المزيد عن الموسيقى .. ويمكن عمل شىء آخر وهو أن يستخدم المعالج كرسي خالٍ ثم يجعل المريض يتحدث إليه وكأنه فرد من أفراد العائلة يجلس عليه ثم يتم عكس الأدوار. أو أن يستخدم الشخص صلصال لعمل تمثال لأحد أفراد العائلة ثم يتحرك حوله. أو أن يقوم بكتابة جملة أو أكثر عن كل فرد من أفراد العائلة ويجسد صوت لكل واحد منهم. وفى العلاج الفردي أو الجماعي من الممكن أن يقدم المعالج للشخص مجموعة من الحيوانات يختار من بينها ثم يقوم بأداء الدور التمثيلي لهذا الحيوان أو التحدث بلسان الحيوان. وتطبيق الفنون فى المجال العلاجي يساعد على اتساع نطاق خبراتنا السلوكية، وتتيح للشخص التصرف بطرق تختلف عن عاداته، بالإضافة إلى الاستفادة من القدرات الإبداعية للإنسان، وإعطاء الفرصة للإفصاح للآخرين عن ما لا يمكن قوله خارج الجلسات العلاجية.
السيكودراما هو إعادة تمثيل الواقع لا محاكاته.
* السيكودراما والعلاج الجماعي (Group therapy): مفهوم العلاج الجماعي أو الجمعي مفهوماً هاماً فى السيكودراما، عادة ما يتناول أفراد العمل المسرحي الجماعي الذين يشاركون فى جلسات المسرحية السيكودرامية للأزمة ما يريدون التخلص منها وإيجاد الحل لها، والخطوة الهامة للتغلب على الأزمة هو كيفية الاختيار الصحيح لأفراد الجماعة الذين يتحقق معهم الشعور بالأمان والاحترام المتبادل، مع توافر السرية التامة عندما يعبر كل فرد من أفراد هذه الجماعة عن القلق الفردي الذاتي وسط الأفراد الآخرون.
* كيف تعمل السيكودراما؟ يتم هذا النوع من العلاج النفسي بأساليب خاصة، وسردها كالتالي: لكي يزيد فهمنا للتعبيرات التي سيتم استخدامها لاحقاً، سنضرب مثالاً وصفياً ثم نطبق عليه كل مصطلح من المصطلحات التالية من أجل الفهم الصحيح لها. ويسبق هذه الأساليب مراحل ثلاث تُستخدم من خلالها الأساليب التالى ذكرها: مرحلة الإعداد (التسخين)* وهى المرحلة التي يتم فيها جذب كافة المشاركين فى العمل المسرحي ليحدث التفاعل فيما بينهم وبالتالى الدخول فى إطار التمثيل من خلال مناقشة موضوع ما وما شابه ذلك. ثم تأتى مرحلة التمثيل وبدأ الأحداث وكما سبق وأن أشرنا فإن مسرحية السيكودراما هي إعادة لأحداث الواقع وليس محاكاة لها. والمرحلة الثالثة هي مرحلة الاتزان والتكامل النفسي للبطل، وذلك بسؤال المجموعة عن إبداء ملاحظاتهم تجاه سلوك البطل لكي يتعلم البطل أداء استجابات أخرى مختلفة تجاه المواقف الذي لم يكن باستطاعته التكيف معها من قبل. أساليب السيكودراما: - قلب الأدوار (عكس الأدوار) Role reversal. - أسلوب المرآة (Mirror technique). - أسلوب النموذج (Modeling technique). - أسلوب الدوبلاج (Doubling technique). وغيرها من الأساليب الأخرى المستخدمة كمناجاة النفس، أو التحدث على إنفراد إلى جمهور المشاهدين دون أن يسمعه المشاركون له فى العمل ... الخ مثال توضيحي: لنفترض أن هناك موقف نمطي يواجه شخص ما فى جلسات العلاج الجماعي بالسيكودراما، وهذا الشخص يٌدعى "س" الذي يحضر جلسات العلاج وهو رجل متزوج ولديه صعوبات فى التعامل مع زوجته "ص" والمناقشة التي تحدث بينهما تبدأ وتدور وتنتهي بصراع دائم. والتطبيق العملي للأربعة مصطلحات على هذا المثال التوضيحي يكون على النحو التالى: - مفهوم عكس الأدوار أو قلبها: والتي تهدف إلى التمركز حول الذات وبالتالى فهم أعمق وأكثر نضجاً للمشكلة، وذلك من خلال ممارسة دور الآخر وهو أن يقوم "س" بآداء دور الزوجة "ص" للتعبير عن المشكلة من وجهة نظرها أو أن يمثل الدور بما يريد أن ينتهي عليه النقاش بينهما من داخله. ويقوم "س" فى البداية بأداء دوره الطبيعي كـ"س" والأطراف المشاركة له فى العمل الدرامي يمثلون الزوجة فى موقف ما تم وضعه فى إطار من السيناريو، ثم بعد الانتهاء من أداء الأدوار يتم عكسها لكي يقوم أحد أفراد الجماعة بتمثيل دور "س" بينما يقوم "س" بتمثيل دور الزوجة "ص" وبهذه الطريقة يستطيع "س" معايشة العلاقة الزوجية من خلال عين زوجته والتي تساعده على رؤية أشياء من وجهة نظر كان لا يستطيع من قبل رؤيتها. - مفهوم المرآة: حيث يُؤخذ "س" إلى جانب ليكون دوره متفرج سلبي، ويقوم عضو آخر من أعضاء الجماعة التمثيلية بآداء دوره ويقوم بآداء نفس المشهد بنفس الأسلوب الذي مثله "س" من قبل. وبهذه الطريقة يستطيع "س" رؤية صورة مماثلة له (مرآة" عن بعد لنفسه وكيف يتعامل فى الواقع مع زوجته)، ومن هنا وبانفصاله عن الحدث يستطيع أن يحدد أنماط حديثه ولغة جسده أو السلوك الذي لم يكن يدركه وذلك من أجل تحديد المشكلة وبالتالى تعامل مختلف فى المرة القادمة عند اتصاله بالموقف. - مفهوم النموذج: وهنا يقوم فرد آخر غير "س" بتمثيل دوره (لكن برد فعل نموذجي، ما ينبغي أن تكون عليه التصرفات العقلانية فى الحل) حيث يُطلب منه تمثيل نموذج عند إصدار استجاباته فى حالة التفاعل بينه وبين زوجته. وبهذه الطريقة يكون الزوج "س" قادراً على رؤية طرق مختلفة يمثلها أفراد الجماعة وبالتالى اقتراح طرق أفضل ليعالج بها مشكلاته مع زوجته "ص". - مفهوم الدوبلاج: وهنا يقوم الزوج "س" بأداء نفس دوره فى الواقع ولكن يوجد شخص آخر من أفراد الجماعة التمثيلية المشاركة له بتمثيل دور ظله (Shadow role) ويتفاعل مع زوجته كما يتفاعل "س" ولكن بالتعبير عن حركاته الإيمائية التي لا يتفوه الزوج بكلمات لها، أى يحاول أن يعكس الإشارات والإيماءات الجسدية التي يصدرها "س" بجسده ويديه ويترجمها فى صورة كلمات. وتوضيحاً لذلك، عندما يرى "ظل س" الزوج وهو يحكم قبضة يديه فيستجيب لها شفهياً بأن يقول: "إنني غاضب منك يا "ص". ثم يقوم المخرج (المعالج) بإيقاف المشهد ويسأل "س" عما إذا كانت هى تلك المشاعر التي تدور بالفعل داخل نفسه، وبالتالى يستطيع الزوج نفسه تحديد مفاتيح الحل غير المنطوقة التي يصدرها ويرغب فى إخراجها عند التفاعل الفعلي مع زوجته.
وغاية السيكودراما هو رؤية الشخصية المحورية لوجهات نظر من خلال مشاهدة الموقف الخاص به عن بعد، وبالتالى القيام بتحديدها بشكل أكثر وعياًُ عن ذي قبل، ومن خلال مناقشتها مع المعالج وأفراد الجماعة فى المسرحية يستطيع إدراك أنه توجد طرق أفضل وبديلة لعلاج المواقف التي تؤثر عليه.
*مكان ممارسة السيكودراما: - المستشفيات. - مراكز الصحة العقلية. - المدارس. - أماكن العمل. - السجون.
* أهداف العلاج السيكودراما: - الهدف الرئيسي من العلاج بالدراما السيكولوجية هو تعليم الفرد الذي يعانى من اضطراب نفسي كيف يستطيع التكيف مع الآخرين بحيث يكون التفاعل معهم لا يمثل عنصراً من عناصر الضغط عليه وإنما يحقق له ما يسمى بالصحة النفسية على طول الخط مع المحيطين، أو عدم الوصول إلى الاختلال النفسي فى حالة التعرض الفعلي للضغوط . - والهدف الذي يلي التفاعل الاجتماعي، أن السيكودراما تُعالج نفسية الشخص من خلال "التنفيس" فكلما وجد الشخص مخرجاً لأحاسيسه ومشاعره وتمرد على الوضع القائم له كلما كان متزن نفسياً لا يشعر بأن هناك ممن يحبطه داخل عقله اللاواعى على الرغم من المحاولات الذاتية أو الخارجية تسعى لإخراج الفرد من هذه الحالة. والتنفيس تتعدد أنواعه فى السيكودراما: أ- التنفيس عن طريق التفريغ: سواء بالبكاء أو بالكلمات أو بردود الفعل. ب- التنفيس عن طريق نشر الخبرة المرضية الفردية: والتي تشعر الفرد المريض بتضامن الآخرين معه، وأنه لم يعد هو الوحيد الذي يصارع مع مشاعره أو أن المشكلة خاصة به فقط .. وبالتالى تقلل شعوره بالوحدة فى الأزمة التي يتعرض لها. ج- التنفيس عن طريق الإيحاء: حيث يتم رسم الصفات والأهداف الإيجابية للفرد بحيث يتخيلها بصورة مرتبة لإخراج المشاعر الموافقة لها مما تكسبه الدافع إلى إحداث الأهداف المرغوب فيها من جانبه. وبعبارات أخرى هو تنفيس يتم من خلاله تصحيح الأفكار لدى الشخص وضبطها، وذلك بتعلمه السلوك الصحي أثناء مسرحية السيكودراما من خلال التقدير الذاتي لنفسه. د- التنفيس الروحاني: وهو الإيمان بالقضاء والقدر وعدم إلقاء اللوم على النفس. هـ- التنفيس عن طريق غرس الأمل: فالمريض متواجد فى وسط جماعة وإحساسه بأن هناك مشاركين له فى المشكلة يغرس الأمل بداخله وتتولد لديه الرغبة فى التحول والتغير إلى الأفضل وذلك بالوصول إلى مخازن العقل وإزالة المشاعر غير المرغوب فيها إلى تجربة مرغوب فيها.
* فوائد السيكودراما: ما هي المجالات التي تستخدم من أجلها السيكودراما؟ يطبق الأسلوب العلاجي بالسيكودراما فى العديد من المشاكل أو الاضطرابات المتصلة بالمشاعر والأحاسيس فى مختلف المجالات بوصفها إحدى طرق العلاج النفسي. - الدراما النفسية فى المقام الأول تعلم الفرد كيف يحل مشاكله التي ترتبط بالمشاعر، وخاصة تلك المكبوتة. - تستخدم فى تنمية سلوك الفرد من التقبل والتكيف والتواصل مع الآخرين. - السيكودراما تعمق استبصار الإنسان بذاته حيث تساعده على استجابات أكثر توافقاً. - تنمية مهارات النقاش والتخيل والتغير عند الفرد (وهى أمور هامة للصحة النفسية لأي شخص منا). - تساهم فى ثقافة الشخص فهي مزيج من علم النفس والدراما أحد فنون التمثيل. وإذا كانت النقاط السابقة تقدم الجانب النفعي الملموس من السيكوداما، فهي تعكس فى الوقت ذاته النظريات التي تسعى تطبيقها فى مجال النفس البشرية.